Monday, November 12, 2007

نساء ما قبل التاريخ عرفن الولع بالموضة


اذا كانت التماثيل الصغيرة التي عثر عليها في مستوطنة اوروبية قديمة تنم عن شيء فانها تبين ان اهتمام النساء بملابسهن يرجع الى 7500 عام على الاقل. يقول علماء الآثار ان حفريات حديثة في الموقع خاصة بحضارة فينشا القديمة وهي اكبر حضارة اوروبية فيما قبل التاريخ تشير الى مدينة على درجة كبيرة من التطور وتذوق الفن والموضة.




في المستوطنة التي ترجع للعصر الحجري الحديث وتقع بين انهار وجبال وغابات فيما يعرف الان بجنوب صربيا يدور الرجال في حركات سريعة حول افران ينبعث منها الدخان لصهر المعادن وتصنيع ادوات. ويجر ثور حمولة من المعادن الخام مارا بورشة للاعمال الفنية ومجموعة من الشابات يرتدين تنورات قصيرة.




يقول الاثري يولكا كوزمانوفيتش-كفتكوفيتش "وجدنا اعتمادا على التماثيل الصغيرة نساء يرتدين ملابس جميلة مثل فتيات اليوم.. ويضعن السوار حول معاصمهن." وعاشت القبيلة التي لم بعرف اسمها في الفترة من عام 4500 الى 4700 قبل الميلاد على مساحة حوالي 120 فدانا فيما يعرف الان ببلدة بلوشنيك وقد عرفت التجارة والحرف اليدوية والفن والتعدين. وقرب المستوطنة بئر حرارية ربما تكون دليلا على اقدم منتجع في اوروبا.



يقول كوزمانوفيتش "كن يتهافتن على الجمال وانتجن 60 نوعا مختلفا من الاواني الفخارية والتماثيل الصغيرة لا تمثل الهة فحسب بل ايضا من اجل المتعة الخالصة." وتلمح الاكتشافات لتوزيع متقدم للعمل والتنظيم. ووجدت في المنازل مواقد وحفر خاصة للقمامة بينما دفن الموتي في مقابر صغيرة. وكان افراد القبيلة ينامون على قطع الصوف والفراء وملابسهم مصنوعة من الصوف والجلد والكتان كما قاموا بتربية الحيوانات. وكان القبيلة مولعة بالاطفال بشكل خاص وشملت الحرف اليدوية لعبا للاطفال وعثر على انية فخارية صغيرة يبدو ان اطفالا صنعوها في اوقات فراغهم نظرا لانها تبدو غير متقنة الصنع






ومن اكثر الاكتشافات التي اثارت اهتمام علماء الاثار وجود ورشة تعدين متطورة تضم فرنا وادوات من بينها فأس ومطرقة برأسين وازميل من النحاس. ويقول كوزمانوفيتش "ربما يثبت ذلك ان عصر النحاس بدأ في اوروبا قبل 500 عام على الاقل مما كنا نعتقد." وعصر النحاس هو المرحلة الاولى لاستخدام الانسان للمعادن حيث استخدمت ادوات مصنعة من النحاس الى جانب ادوات حجرية اقدم. وازدهرت حضارة فينشا من عام 5500 الى عام 4000 قبل الميلاد في مناطق تعرف الان بالبوسنة وصربيا ورومانيا ومقدونيا.



واطلق عليها اسم حضارة فينشا نسبة للقرية التي تحمل نفس الاسم حاليا والتي تقع على نهر الدانوب على بعد عشرة كيلومترات من بلجراد حيث كشفت حفريات في اوائل القرن العشرين عن اثار لثماني قرى ترجع للعصر الحجري الحديث. واكتشف منجم وهو الاقدم في اوروبا عند نهر ملافا القريب مما يلمح الى ان حضارة فينشا ربما تكون اقدم حضارة اوروبية عرفت المعادن وايد الموقع في بلوشنيك هذه النظرية الان. ويقول دوسان سليفار من متحف صربيا الوطني "تبين الاكتشافات الاخيرة ان حضارة فينشا عرفت التعدين منذ البداية. عرفوا كيفية التنقيب عن المعادن ونقلها وصهرها لانتاج ادوات." وكانت ورش التعدين في بلوشنيك عبارة عن غرف مساحتها حوالي 25 مترا مربعا جدرانها من الخشب المغطى بطبقة من الطين.




واقيمت الافران خارج الغرفة وكان بها فتحات للتهوية تشبه الانابيب بها مئات من الثقوب ومدخنة تضمن دخول الهواء الى الفرن لتغذية النار وخروج الدخان بامان. وقال سليفار" في بلغاريا وقبرص حيث وجدت مثل هذه الافران لم تكن هناك مداخل واستخدمت اعواد القش لتأجيج النار مما يعرض الانسان للحرارة وثاني اكسيد الكربون." ودمر حريق ضخم المستوطنة في وقت ما في بداية الالفية الخامسة على الارجح. واكتشف موقع بلوشنيك في عام 1927 حين كانت مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين تمد خطا للسكك الحديدية في ذلك الحين من مدنية نيش الجنوبية الى اقليم كوسوفو. ونشرت بعض الاكتشافات في ذلك الوقت ولكن الحرب ونقص التمويل واعتراضات المزارعين أدت الى تباعد اعمال التنقيب من وقت لاخر ولم يبدأ الحفر الجاد الا في عام 1996.





ويقول كوزمانوفيتش "اكثر ما يثير حزننا هي اللحظة التي ننهي فيها عملنا حين ينبغي ردم كل شيء مرة اخرى. هذا اسهل للدولة فالحفاظ على هذه الاثار مكلف جدا ويريد اصحاب الأرض العمل في حقولهم." ولكنه يضيف ان ثمة بصيصا من الأمل في الحفاظ على الحفريات الاخيرة نظرا لاهميتها. واضاف "نحلم بكشف النقاب عن المدينة بأسرها في يوم ما حتي يتمكن الناس من رؤية الحياة في حقبة ما قبل التاريخ بالكامل ."

No comments: